بسم الله الرحمن الرحيم
القربى
للكتب المسموعة
تعليق الموقع على كتاب عبد الله بن عمر بين السياسة والدين للشيخ الدكتور محمد عصمت بكر
أخي المستمع أختي المستمعة !
اذا أردتَ أن تعرف :
لماذا لم يبايع عبد الله بن عمر بن الخطاب الامام علياً عليه السلام ؟ وهل كانت حُجتُهُ بعدم البيعة لأمير المؤمنين عليه السلام مُقنِعَةً ومنطقيةً ؟
وهل كانت تتماشا مع تعاليم الكتاب الكريم والسُنة النبوية الشريفة ؟
ولماذا بايع بعد ذلك معاويةَ ويزيدَ ومروانَ والحجّاج لعبد الملك بن مروان ؟
فاستمع الى هذا الكتاب " عبد الله بن عمر بين السياسة والدين" للشيخ الدكتور محمد عصمت بكر.
وهذا الكتاب يكشف عن شيءٍ مهمٍ جداً . ألا وهو أن عبد الله بن عمر بن الخطاب قد نشأ وترعرع في بيتٍ لا يميل الى حُبِ أهل البيت أي عليٍ وأولاد عليٍ الحسن والحُسين عليهم السلام. بل بالعكس يميل الى البيت الأموي كمعاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية ومروان طريد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.
أما السبب الذي دعا مؤلف الكتاب الشيخ الدكتور محمد عصمت بكر الى تأليف هذا الكتاب, فسأذكُرُهُ لكَ بنَصِّهِ من مقدمة المؤلف للكتاب ليَتضِحَ لك:
ولما استولى الجانب الأموي على السلطة بعد استشهاد أمير المؤمنين (ع) أصبحت أموال المسلمين ورقابهم في أيديهم وضعف الجانب العلوي وصار لا يستطيع أن يجهر أو يصرح برأيه في الأمور السياسية وأحوال الساسة .
ولما كان ذلك مالت طائفة من السلف إلى الجانب الأموي وانحازت إليه وتجنبت الفريق العلوي الذي لم يملك من الدنيا شيئاً ساعدهم على ذلك الطبيعة الكائنة في كل من الحق والباطل , كما قال الامام علي (ع) : (( الحق ثقيل مريء , والباطل خفيف وبيء ))
وبطبيعة الحال استغل هؤلاء النفر مكانتهم الدينية المرموقة بين المجتمع فزينوا للناس أعمال الحكام وبرروا قبائحهم وثبطوا الناس عن الثورة عليهم فحَدَّثوا بأحاديث عن الرسول الأعظم (ص) ودلوا بآرائهم وأفتوا الناس بلزوم طاعتهم وتحريم الخروج عليهم .
وهذه الأحاديث إما أن تكون صحيحة عن الرسول الأعظم (ص) واستعملت في غير مقامها واستشهد بها غير محلها .
أو أن تكون غير صحيحة عنه (ص) وكانت وليدة الأحداث والمتغيرات السياسية في ذلك الوقت ويمكن أن تكون قد وضعت مدحاً وثناء للسلطان هذه الروايات وهؤلاء الرواة إلى منزلة لا تنالها المعارضة ولا يد النقد ودأبوا على دعمها وتقويتها عبر التاريخ .
فأصبحت بعد دعمها من قبل السلطة الحاكمة كقميص عثمان يستغلها السلاطين واحداً بعد الاخر في تقوية سلطانه وإضعاف معارضيه .
وقد ساروا على ذلك زماناً حيث صارت تلك الروايات وهؤلاء الرواة من القوة بحيث أصبح المؤمنون يتعبدون ويتقربون بها إلى الله سبحانه وتعالى .
وبذلك رتع السلاطين والحكام في غيهم وظلمهم ونعموا ببطرهم وفسادهم آمنين من غضبة العلماء الأحرار دون أن ينغصوا ترفهم فسعوا في الأرض فساداً وحلوا عرى الإسلام عروة عروة حتى لم يبق منه إلا رسمه إلى أن شب جيل من الحكام قاموا بتسليم بلادهم ورعاياهم إلى أعدائهم فعلوا ذلك وأكثر منه في ظل وحماية تلك الروايات والفتاوى التي أصدرها بعض السلف الصالح فريقهم الأموي الذي تحيزوا إليه.
فإن خرج خارج على هؤلاء الرؤساء أو الملوك كان من السهل أن يحتج عليه عالم ممن وظفوا لهذا الغرض بأنه لا يصح له الخروج على جماعة المسلمين أو أن يشق عصا الطاعة .
وإن أنكر منكر ظالم أو امره وأفعاله سهل أن يقال له إن الله يقول ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) لأن هناك من السلف من أفتى بهذه الآية الشريفة في وجوب طاعة الحكام مطلقاً كما سنبين ذلك في محله إن شاء الله .
فاستشهدوا بآيات شريفة لا يصح الإستشهاد بها في مثل هذه المواضع وإنما الإستشهاد بها في مقامات أخرى ولذلك رأينا من واجبنا وبعيداً عن كل عصبية إسلامية أن نبحث في مواقف بعض السلف الذين لهم مواقف سياسية وفتاوى وروايات , وقصدت من هذا البحث الذي أسميته ( السلف بين السياسة والدين ) بيان تحيز هؤلاء النفر إلى فريق سياسي من الفرق السياسية في أزمانهم مما أثر ذلك على فتاواهم وعلى رواياتهم سواء أكانت هذه الروايات مما يحتمل فيها الوضع أم محل الإستشهاد بها إذا كانت صحيحة وقد كان من أبرز هؤلاء السلف ( عبد الله بن عمر بن الخطاب ) ولذلك آثرنا أن نبدأ بالبحث في مواقفه السياسية وبعض رواياته وفتاويه التي تأثرت بهذا الموقف وأثرت فيما بعد على أجيال الشباب المسلم .
وأسأل الله سبحانه وتعالى ألا يحمل بحثي على غير مرادي وأسأله تعالى التوفيق والسداد للأمة الإسلامية جمعاء .
ومن منطلق شعاري في أن دراسة التاريخ ليس معناه النبش في أوجاع الماضي لفتق جروحه وإنما دراسة بهدف الوقوف على أخطاء من سبقونا لتفاديها في عصرنا الحاضر .
محمد عصمت بكر
3/4/ 1985
والحمد لله على توفيقِهِ ونسألكُمُ الدُعاءَ بالتوفيق وحُسنِ العاقبة للشيخ الدكتور محمد عصمت بكر ولخادم موقع القربى للكتب المسموعة مسبوقاً بالصلاةِ على مُحمدٍ و آل محمد.