بسم الله الرحمن الرحيم
القربى
للكتب المسموعة
تعليق الموقع على كتاب بين يدي الأستاذ للسيد حسن الأبطحي طاب ثراه
أخي المستمع أختي المستمعة !
جمال هذا الكتاب ينبع من بساطة الاسلوب في بيان المَطلَب على صعوبته وتعقيده.
وهذا إن دلَّ على شئ فيدل على عمق وحلاوة وعذوبة النفسية التي تكمن وراء السطور وأقصِد بذلك نفسية مؤلف الكتاب حيث تناول أسلوب القِصص والعِبَر المُستفادة من تلك القصص المُثيرة والمُعَبِّرة في نفس الوقت.
إن مواضيع الأخلاق والعِرفان العملي والسَير والسلوك مرتبطة بعضها ببعض وأهم شئ في بداية السَير الى الله هو تطهير النفس من الأخلاق الرذيلة وتحليتها بالأخلاق الحميدة.
وبما أن الإنسان كائن معقد في تكوينه لأنه مزيج من الغرائز الحيوانية ونورانية الروح الملائكية ، أصبح موضوع الأخلاق والعرفان من أعقد المواضيع التي تتحدى الإنسان في سيره الى الله.
وأحب أن أذكر رواية من أصول الكافي الشريف تعتبر محور الكتاب لأن المؤلف السيد حسن الأبطحي رحمة الله عليه ذكر معناها بإجمال ولم يذكرها بالنص من كتاب الكافي وتستطيع سَماعها في الموقع في المقطع الصوتي الثاني (كتاب العقل والجهل) من المجلد الأول من أصول الكافي، وإليك الرواية:
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن سماعة بن مهران قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل، فقال أبو عبد الله عليه السلام: اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا. قال سماعة: فقلتُ: جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرفتنا، فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله عز وجل خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له: «أدبر» فأدبر، ثم قال له: «أقبل» فأقبل، فقال الله تبارك وتعالى: «خلقتك خلقاً عظيماً وكرمتك على جميع خلقي». قال: ثم خلق الجهل من البحر الأجاج ظلمانياً، فقال له: «أدبر» فأدبر، ثم قال له: «أقبل» فلم يقبل، فقال له: «استكبرت»! فلعنه، ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جنداً فلما رأى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه؛ أضمر له العداوة، فقال الجهل: «يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأنا ضده ولا قوة لي به فأعطني من الجند مثل ما أعطيته»، فقال: «نعم؛ فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي». قال: «قد رضيت» فأعطاه خمسة وسبعين جنداً.
فكان مما أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند: الخير وهو وزير العقل وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل، والايمان وضده الكفر، والتصديق وضده الجحود، والرجاء وضده القنوط، والعدل وضده الجور، والرضا وضده السخط، والشكر وضده الكفران، والطمع وضده اليأس، والتوكل وضده الحرص، والرأفة وضدها القسوة، والرحمة وضدها الغضب، والعلم وضده الجهل، والفهم وضده الحمق، والعفة وضدها التهتك، والزهد وضده الرغبة، والرفق وضده الخرق، والرهبة وضدها الجرأة، والتواضع وضده الكبر، والتؤدة وضدها التسرع، والحلم وضدها السفه، والصمت وضده الهذر، والاستسلام وضده الاستكبار، والتسليم وضده الشك، والصبر وضده الجزع، والصفح وضده الانتقام، والغنى وضده الفقر، والتذكر وضده السهو، والحفظ وضده النسيان، والتعطف وضده القطيعة، والقنوع وضده الحرص، والمؤاساة وضدها المنع، والمودة وضدها العداوة والوفاء وضده الغدر، والطاعة وضدها المعصية، والخضوع وضده التطاول، والسلامة وضدها البلاء، والحب وضده البغض، والصدق وضده الكذب، والحق وضده الباطل، والأمانة وضدها الخيانة، والاخلاص وضده الشوب، والشهامة وضدها البلادة، والفهم وضده الغباوة، والمعرفة وضدها الانكار، والمداراة وضدها المكاشفة، وسلامة الغيب وضدها المماكرة، والكتمان وضده الإفشاء، والصلاة وضدها الإضاعة، والصوم وضده الإفطار، والجهاد وضده النكول، والحج وضده نبذ الميثاق، وصون الحديث وضده النميمة، وبر الوالدين وضده العقوق، والحقيقة وضدها الرياء، والمعروف وضده المنكر، والستر وضده التبرج، والتقية وضدها الإذاعة، والإنصاف وضده الحمية، والتهيئة وضدها البغي، والنظافة وضدها القذر، والحياء وضدها الجلع، والقصد وضده العدوان، والراحة وضدها التعب والسهولة وضدها الصعوبة، والبركة وضدها المحق، والعافية وضدها البلاء، والقوام وضده المكاثرة، والحكمة وضدها الهواء، والوقار وضده الخفة، والسعادة وضدها الشقاوة، والتوبة وضدها الإصرار، والاستغفار وضده الاغترار، والمحافظة وضدها التهاون، والدعاء وضده الاستنكاف، والنشاط وضده الكسل، والفرح وضده الحزن، والألفة وضدها الفرقة والسخاء وضده البخل.
فلا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي نبي، أو مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان، وأما سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود حتى يستكمل، وينقي من جنود الجهل فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء، وإنما يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده، وبمجانبة الجهل وجنوده، وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته. إنتهى.
ونسألكُمُ الدُعاءَ وقِراءَةَ سورةِ الفاتِحَةِ لمؤلّفِ الكتابِ السيد حسن الأبطحي طاب ثراه مَسبوقَةً بالصلاة على مُحمدٍ وآلِ مُحمد.